يعتبر الماء عنصراً أساسياً لجميع الكائنات الحية .. فلا حياة بدون ماء
فلقد نشأت الأرض منذ بدء الخليقة وستبقى إلى الأبد مرتبطة بالماء ، وقديماً كانت الحضارات تقام على ضفاف الأنهار وبالقرب من مصباته .. ونضوب المياه يعد من أهم أسباب زوال تلك الحضارات ، وللماء صلة أساسية ملموسة بتطور الإنسان واحتياجاته اليومية من المياه في جميع أنشطته الحيوية والمنزلية والدينية والصناعية والتجارية وغيرها فعمل الإنسان على حسن اختيار مصادره المائية الملائمة وكرس جميع الإمكانيات من أجل المحافظة عليها من التلوث ، ولما كان الإنسان يعتمد عند تقييمه لنوعية مياه الشرب على حواسه الخاصة به ، فقد تؤثر مقومات الماء على مظهره الخارجي أو رائحته أو طعمه والإنسان يقيِّم مدى جودة الماء ومقبوليته اعتمادا على حواسه فهو يعتبر الماء شديد العكر الكريه الطعم ماء خطراً على الصحة ويرفض استعماله للشرب إلا إن علينا ألا نعتمد كلياً على حواسنا في الحكم على مدى جودة المياه ، حيث أن بعض المواد الكيماوية وغيرها تكون ذائبة في مياه الشرب ولا يستطيع الإنسان تمييزها بحواسه فقد زاد الطلب على هذا العنصر الهام جداً في السنوات الأخيرة ، الأمر الذى جعل دول العالم تكرس كل جهودها وتوفر الموارد المالية لأجل تنظيمها وحسن استغلالها من حيث إعداد شبكات المياه الرئيسية والفرعية كذلك إنشاء الخزانات العلوية والأرضية وغيرها
تعريف التلوث
بأنه تغير في الصفات الطبيعية أو الكيماوية أو البيولوجية للماء ، وذلك عن طريق إضافة مواد غريبة تسبب في تعكير الماء ، أو تكسبه رائحة أو لوناً أو طعماً أو قد يتلوث بإضافة مواد كيماوية سامة ويمكن القول أن المقصود بتلوث الماء هو تغير في خواص مصادره الطبيعية المختلفة ، بحيث يصبح غير صالح للكائنات الحية التي تعتمد عليه في استمرار بقائها أو بمعنى آخر غير صالح للاستعمال .
إن تلوث مياه الشرب بالمعادن الثقيلة أشد خطورة على الصحة العامة عندما يكون بنسبة عالية تزيد عن الحد الأقصى المسموح به طبقاً للمواصفات المحلية والعالمية ، حيث تؤدي إلى حدوث ما يسمى بالتسمم ومن أشد هذه المعادن خطورة معدن الرصاص فمثلاً إذا زادت نسبة الرصاص عن 0.1 مليجرام/لتر في مياه الشرب أدى ذلك إلى ما يسمى بالتسمم بالرصاص والذي يأتي من عدة مصادر من أهمها حرق المواد النفطية و من عوادم السيارات وخاصة التي تستعمل وقودا به نسبة عالية من مركبات الرصاص وكذلك من المخلفات الصناعية بالإضافة إلى عمليات صهر الرصاص ، كما يمكن أن يأتي من حرق القمامة والنفايات والإطارات وكذلك من مواسير مياه الشرب المصنوعة من نفس هذا المعدن .
مصادر التلوث
. تسرب ورشح من قنوات وشبكات المجاري.
.المخلفات الصلبة والقمامة والنفايات المنزلية .
.المخلفات الصناعية السائلة والصلبة .
.لأسمدة ومخصبات التربة .
.الآبار السوداء .
.الاستغلال الجائر واستنزاف المياه الجوفية أدى إلى تداخل مياه البحر .
.المبيدات الحشرية والمواد الكيماوية .
.زيوت الآليات المستعملة ومواد نفطية وغيرها .
.المخلفات الحيوانية وبقايا المجازر والسلخانات .
.المواد المشعة والنفايات النووية .
.عمليات حرق القمامة والنفايات المنزلية .
دور النفط في التلوث المائي
ويأتي النفط فـي مقدمـة الملوثات خطـورة، وتدلّ الدراسات على أن (200 ألف) طن مـن النفط كافية لتحويـل بحر البلطيق ـ من الناحية البيولوجية ـ إلى صحراء قاحلة لا تعيش فيها الكائنات الحية ؛ وناقلة بترول واحدة كافية لتحقيق ذلك
ومن مصادر تلوث البحار عملية تنظيف البواخر وناقلات النفط، والتي تسبب تسرب (10 مليون) طن من النفط إلى البحر، ويكون تركيز النفط عالياً بشكل خاص في المناطق الساحلية وتشكو البحار المغلقة من مشكلة التلوث أكثر من غيرها، ويعتبر البحر الأبيض المتوسط من البحار المغلقة التي تعاني من مشكلة التلوث وهناك تحذير من قبل العلماء بتحويل البحر الأبيض المتوسط إلى بحر ميّت إذا ظلّت معدلات التلوث بهـذا الشكل خصوصاً مـن قبل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا لذا كانت السواحل الفرنسيّة والإيطاليّة والإسبانيّة أكثر المناطق تضرّراً مـن تلوث البحر الأبيض المتوسط
وقد قدّر الباحثون الفرنسيّون أنه قبل عشرين عاماً كانت الجراثيم الملوثة لا توجد على بعد أكثر من (200) كيلو متر عن الشاطئ الفرنسي ولكنها وصلت حالياً إلى مسافة تزيد عن (320) كيلو متراً
ومن أخطر أنواع التلوث البحري النفط الذي يشكل طبقة عازلة تمنع التبادل الغازي بـين الماء والهـواء، فتمنع وصول الأوكسجين إلى الكائنات البحرية كما وإن التصاق البقع النفطية بالأجسام يسبب لها أمراضاً خطيرة
وقد أدّى ـ مثلاً ـ غرق ناقلة نفط واحدة سنة 1396ه (1976م) بحمولتها البالغة (109 ألف) طـن إلى أضرار مادية تقدّر بأربعمائة مليون فرنك فرنسي، وتسبب في حرمان (40 ألف) عائلة من عملها الذي قوامه صيد الأسماك. هـذا بالإضافة إلى الأضرار التي ألحقت بالنباتات والحيوانات البحرية، والتي مـن الصعب تقديرها ومثل هذه الأضرار تمتد أحياناً عقوداً مـن الزمان. وتشكل قطرات النفط طبقة دقيقة جداً تعزل الماء عن الوسط الخارجي وتمنع بالتالـي التبادل الغازي فتنتشـر قطرة واحدة من النفط على مساحة يصل قطرها إلى (150 سنتمتر) كما ويغطي طن واحد من النفط مساحة قطرهـا ( 12 كيلـو متراً)، ويشكل النفط طبقة على سطح الماء تتراوح سماكتهـا بين (1 سنتمتـر إلى 2 سنتمتر)، فينقطـع التفاعل بين الأوكسجين الخارجي والأوكسجين الموجود في الماء، وكثيراً ما يعلو من مثل هذا السطح البخار الملوث، مما يضرّ الزرع والإنسان بأضرار بالغة
أعراض التلوث
.قلة نسبة الهيموجلوبين بالدم وحدوث أنيميا.
.تكسير في الكريات الدم الحمراء.
.ظهور خط أزرق مائل للسواد داخل نسيج اللثة.
.الإصابة بمغص معوي يسبقه قئ قد يؤدي إلى اضطرابات عصبية وبالتالي إلى شلل بعض الأطراف.
.كما يمكن أن يسبب تشنجات عصبية شاملة تؤدي إلى مرض الصرع
حيث دلت بعض الدراسات البيولوجية المتعددة على أن الرصاص يؤدي إلى إنخفاض في مستوى الذكاء والقدرة على الإدراك، وأنه يتراكم مع مرور الزمن في بعض أجزاء الجسم مثل خلايا المخ والكلى والصدر ويعتقد أن له دوراً كبيراً في الإصابة بالأمراض السرطانية .
مما تقدم يجب علينا العمل على عدم تلويث البيئة بهذا العنصر الخطير وخاصة في مرفق مياه الشرب والتوقف نهائياً عن صهر الرصاص، هذه الظاهرة التى انتشرت في السنوات القليلة الماضية في بلادنا وذلك لأجل أن نحمي أنفسنا وأجيالنا وبيئتنا
الوقاية من التلوث المائي
وللوقاية من التلوث المائي بالإضافة إلى ما تقدم يجب أن نقوم بما يلي:
1 ـ ملاحظة أماكن رشّ المبيدات التي تستعمل للمحاصيل الزراعية أن لا تكون بالقرب من الترع والقنوات والأنهار.
2 ـ عدم صرف المياه التي يُغسل فيها الأموات إلى الأنهار ـ كما كان يُفعل في كربلاء المقدسة سابقاً في مغتسل المخيّم ـ أو كما فعل نهرو في الهند حيث بعث إلـى نهـر الكنج حيتان لتأكل جثث الموتى التي تلقى في النهر، وبعبارة أخرى معالجة مياه الصرف الصحي قبل دفعها إلى الأنهار.
3 ـ عدم إلقاء المواد البلاستيكية في المياه، لأن ذلك يسبب قتل الأسماك والطيور وإلحاق الضرر بها.
4 ـ منع تصريف المياه الحارة الناتجة عـن المفاعلات النووية أو مراكز التحلية أو توليد الطاقة، إلى الأنهار والبحار،كما ينبغي عقد اتفاقيات دولية في هذا المضمار، وغير ذلك.
www.m3rof.com/.../28105_36054858e722e3e51.jpg" border="0" alt=""/>